رنا لا تستطيع النوم .. لقد اعتادت هذا في كل ليلة .. لقد اعتادت ألا تستطيع النوم عندما يلح عليها أمر ما ..لم تكن رنا سوى فتاة عادية , تذهب إلى الكلية كل صباح و تطير فرحاً إذا ما جاء الباص مبكراً .. في هذه الليلة أرادت أن تصبح عالمة في الكيمياء , لم لا ؟ أضاءت المصباح الكهربي الصغير و أحضرت دفترها و قلم الرصاص و الممحاة ..و بعد نصف ساعة نامت بهناء بعد أن تحقق حلمها .
” إنتي .. اللي لابسة بلوزة خضرا .. شو كنت عبقول ؟ “
استيقظت رنا من شرودها عندما سمعت صوت دكتور المادة يسألها …
” أ … آسفة ما كنت منتبهة ! ” أجابت بخجل ..
” إي تفضلي كملي أحلام اليقظة برا ! ” …
لملمت كتبها و خرجت من القاعة دون كلمة واحدة ..
(لماذا لا يتركون المرء و شأنه ؟ انتباهي و يقظتي ملك لي وحدي , أنا حرة إن أعطيت انتباهي له أو لا .. ) خاطبت نفسها بحنق ..
بدأ المطر بالتساقط .. و هرع الناس للاحتماء بأي سقف .. نظرت إلى أعلى و تنفست بعمق و تنهدت آسفة و أكملت طريقها لتراه مصادفة تحت المطر , بادرها بالسلام كما هي العادة فغمغمت بدورها لترد التحية وأكملت طريقها .. ( آه لو يعرف الأحمق ! )
رنا لا تحب الضجيج .. لذلك صعقت عندما عادت إلى البيت لتجد أختها و أولادها الأربعة يملأون البيت حركة و كلاماً .. ( لماذا لم أخلق صماء ؟؟ ) , دخلت إلى غرفتها دون كلمة واحدة و أغلقت الباب على نفسها لتبدأ طقوسها .. فتحت النافذة و جلست إلى مكتبها الواقع قربها و بدأت بمراقبة المطر و الاستمتاع بصوت الرعد ثم أحضرت عدة الحياة الأخرى التي تحياها .. دفتر و قلم رصاص و ممحاة , بدأت بالدكتور.. ردت عليه بأعلى صوتها : أنا حرة بالاستماع إليك أو لا ..هل أزعجك بصمتي ؟ هل أزعجك بشرودي ؟ لم لا تسأل نفسك عن سبب غرقي بأحلام اليقظة في محاضرتك بالذات .. ثم لاحظ أني لم أتعدى على حقوق غيري من الطلاب عندما سرحت في أحلامي الخاصة .. لم أثرثر و لم أسبب أي فوضى .. سأخرج من المحاضرة الآن لأني أريد الاستمتاع بالمطر !
و في الخارج .. رمت حقيبتها جانباً و بدأت ترقص و ترقص تحت المطر .. الرعد يزأر و الناس يتراكضون من حولها و هي ترقص حتى ابتل شعرها و تلوثت ثيابها بالوحل .. ثم رأته .. بادرها بالسلام كما هي العادة فغمغمت بدورها لترد التحية و أوقفته لتقول له لاهثة :أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذه الدنيا .. أنت أجمل ما حدث في حياتي كلها , هل فهمت ؟ ها ؟ ألم تسأل نفسك لم تتجمد الكلمات على شفتي كلما رأيتك ؟ ألم تسأل نفسك و لو لمرة لم أبدو غبية أمامك ؟ لا أنتظر منك شيئاً .. فقط أردت أن تعلم .. و الآن وداعاً لأني أريد إكمال طريقي !
عادت إلى البيت لتجد الضجة إياها .. صرخت بأعلى صوتها : كفى ضجيجاً كفى ! فسكت الجميع و ساد الكون الصمت .. الصمت الأزلي الذي لا تلوثه اهتزاز جزيئة واحدة حتى .. أكملت نهارها بأن أصبحت أفضل رحالة في العالم .. سافرت إلى الهند و الصين و إسبانيا .. ثم عادت عالمة من جديد , فرسامة ثم قصصية شهيرة .. و قبل أن تنام أصبحت سياسية مرموقة .. ثم نامت بهدوء بعد أن كتبت مايلي :
من أجمل النعم التي تحيط بنا هو وجود الورق و قلم الرصاص و الممحاة ..فمن خلالهم نستطيع عيش الحياة التي نريد , ليس علينا أن نكون ذوي أهمية في عالم الواقع حتى نشعر بالرضا .. فعبر بضع خربشات نستطيع فعل ما نريد و كون من نريد ..أشكرك يا إلهي على هذه النعمة الرائعة .. و غداً علي أن أحقق أحلاماً أخرى .. مع صديقي .. الورق .
هديل خلوف ..
6-11-2009
فعلا أنو الورق والقلم نعمة ولكن أحيانا قد يكون نقمةومثل ما قال احمد مطر عن القلم :انها يد وفم , رصاصة ودم , وتهمة سافرة تمشي بلا قدمبالنسبة إليّ الورق هو " بيت احلامي "والقلم هو "مصمم هذا البيت "أكثر مقطع عجبني هو :"و في الخارج .. رمت حقيبتها جانباً و بدأت ترقص و ترقص تحت المطر .. الرعد يزأر و الناس يتراكضون من حولها و هي ترقص حتى ابتل شعرها و تلوثت ثيابها بالوحل .. ثم رأته .. بادرها بالسلام كما هي العادة فغمغمت بدورها لترد التحية و أوقفته لتقول له لاهثة :أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذه الدنيا .. أنت أجمل ما حدث في حياتي كلها , هل فهمت ؟ ها ؟ ألم تسأل نفسك لم تتجمد الكلمات على شفتي كلما رأيتك ؟ ألم تسأل نفسك و لو لمرة لم أبدو غبية أمامك ؟ لا أنتظر منك شيئاً .. فقط أردت أن تعلم .. و الآن وداعاً لأني أريد إكمال طريقي ! "رائع جدا يا هدولة وين كنت مخبية هالمواهب عنا ؟بالتوفيق و إن شالله من أحسن إلى الأحسن