28
أفريل
10

صديقي الورق ..


رنا لا تستطيع النوم .. لقد اعتادت هذا في كل ليلة .. لقد اعتادت ألا تستطيع النوم عندما يلح عليها أمر ما ..لم تكن رنا سوى فتاة عادية , تذهب إلى الكلية كل صباح و تطير فرحاً إذا ما جاء الباص مبكراً .. في هذه الليلة أرادت أن تصبح عالمة في الكيمياء , لم لا ؟ أضاءت المصباح الكهربي الصغير و أحضرت دفترها و قلم الرصاص و الممحاة ..و بعد نصف ساعة نامت بهناء بعد أن تحقق حلمها .
” إنتي .. اللي لابسة بلوزة خضرا .. شو كنت عبقول ؟ “
استيقظت رنا من شرودها عندما سمعت صوت دكتور المادة يسألها …
” أ … آسفة ما كنت منتبهة ! ” أجابت بخجل ..
” إي تفضلي كملي أحلام اليقظة برا ! ” …
لملمت كتبها و خرجت من القاعة دون كلمة واحدة ..
(لماذا لا يتركون المرء و شأنه ؟ انتباهي و يقظتي ملك لي وحدي , أنا حرة إن أعطيت انتباهي له أو لا .. ) خاطبت نفسها بحنق ..
بدأ المطر بالتساقط .. و هرع الناس للاحتماء بأي سقف .. نظرت إلى أعلى و تنفست بعمق و تنهدت آسفة و أكملت طريقها لتراه مصادفة تحت المطر , بادرها بالسلام كما هي العادة  فغمغمت بدورها لترد التحية وأكملت طريقها .. (  آه لو يعرف الأحمق ! )
رنا لا تحب الضجيج .. لذلك صعقت عندما عادت إلى البيت لتجد أختها و أولادها الأربعة يملأون البيت حركة و كلاماً .. ( لماذا لم أخلق صماء ؟؟ ) , دخلت إلى غرفتها دون كلمة واحدة و أغلقت الباب على نفسها لتبدأ طقوسها .. فتحت النافذة و جلست إلى مكتبها الواقع قربها و بدأت بمراقبة المطر و الاستمتاع بصوت الرعد ثم أحضرت عدة الحياة الأخرى التي تحياها .. دفتر و قلم رصاص و ممحاة , بدأت بالدكتور.. ردت عليه بأعلى صوتها : أنا حرة بالاستماع إليك أو لا ..هل أزعجك بصمتي ؟ هل أزعجك بشرودي ؟ لم لا تسأل نفسك عن سبب غرقي بأحلام اليقظة في محاضرتك بالذات .. ثم لاحظ أني لم أتعدى على حقوق غيري من الطلاب عندما سرحت في أحلامي الخاصة .. لم أثرثر و لم أسبب أي فوضى .. سأخرج من المحاضرة الآن لأني أريد الاستمتاع بالمطر !
و في الخارج .. رمت حقيبتها جانباً و بدأت ترقص و ترقص تحت المطر .. الرعد يزأر و الناس يتراكضون من حولها و هي ترقص حتى ابتل شعرها و تلوثت ثيابها بالوحل .. ثم رأته .. بادرها بالسلام كما هي العادة فغمغمت بدورها لترد التحية و أوقفته لتقول له لاهثة :أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذه الدنيا .. أنت أجمل ما حدث في حياتي كلها , هل فهمت ؟ ها ؟ ألم تسأل نفسك لم تتجمد الكلمات على شفتي كلما رأيتك ؟ ألم تسأل نفسك و لو لمرة لم أبدو غبية أمامك ؟ لا أنتظر منك شيئاً .. فقط أردت أن تعلم .. و الآن وداعاً لأني أريد إكمال طريقي !
عادت إلى البيت لتجد الضجة إياها .. صرخت بأعلى صوتها : كفى ضجيجاً كفى ! فسكت الجميع و ساد الكون الصمت .. الصمت الأزلي الذي لا تلوثه اهتزاز جزيئة واحدة حتى .. أكملت نهارها بأن أصبحت أفضل رحالة في العالم .. سافرت إلى الهند و الصين و إسبانيا .. ثم عادت عالمة من جديد , فرسامة ثم قصصية شهيرة .. و قبل أن تنام أصبحت سياسية مرموقة .. ثم نامت بهدوء بعد أن كتبت مايلي :
من أجمل النعم التي تحيط بنا هو وجود الورق و قلم الرصاص و الممحاة ..فمن خلالهم نستطيع  عيش الحياة التي نريد , ليس علينا أن نكون ذوي أهمية في عالم الواقع حتى نشعر بالرضا .. فعبر بضع خربشات نستطيع فعل ما نريد و كون من نريد ..أشكرك يا إلهي على هذه النعمة الرائعة .. و غداً علي أن أحقق أحلاماً أخرى .. مع صديقي .. الورق . 

هديل خلوف ..

6-11-2009


1 ردّ to “صديقي الورق ..”


  1. 1 Haifaa
    2010/04/28 عند 9:12 مساءً

    فعلا أنو الورق والقلم نعمة ولكن أحيانا قد يكون نقمةومثل ما قال احمد مطر عن القلم :انها يد وفم , رصاصة ودم , وتهمة سافرة تمشي بلا قدمبالنسبة إليّ الورق هو " بيت احلامي "والقلم هو "مصمم هذا البيت "أكثر مقطع عجبني هو :"و في الخارج .. رمت حقيبتها جانباً و بدأت ترقص و ترقص تحت المطر .. الرعد يزأر و الناس يتراكضون من حولها و هي ترقص حتى ابتل شعرها و تلوثت ثيابها بالوحل .. ثم رأته .. بادرها بالسلام كما هي العادة فغمغمت بدورها لترد التحية و أوقفته لتقول له لاهثة :أنا أحبك أكثر من أي شيء في هذه الدنيا .. أنت أجمل ما حدث في حياتي كلها , هل فهمت ؟ ها ؟ ألم تسأل نفسك لم تتجمد الكلمات على شفتي كلما رأيتك ؟ ألم تسأل نفسك و لو لمرة لم أبدو غبية أمامك ؟ لا أنتظر منك شيئاً .. فقط أردت أن تعلم .. و الآن وداعاً لأني أريد إكمال طريقي ! "رائع جدا يا هدولة وين كنت مخبية هالمواهب عنا ؟بالتوفيق و إن شالله من أحسن إلى الأحسن


أضف تعليق


أقسام المدونة

عدد الزيارات

  • 27٬327 زيارة جميلة =)

إن كنت مهتماً بما أكتبه , يمكنك أن تسجل عنوان بريدك الإلكتروني ليصلك كل جديد =)

انضم مع 31 مشترك